أحمد الأسير.. العدو الأول لـ"حزب الله".. من الداعية إلى الإرهابي الهارب

الخميس 15/أغسطس/2024 - 09:15 ص
طباعة أحمد الأسير.. العدو حسام الحداد
 

حياته

حياته
أحمد الأسير الحسيني، سني لبناني ذو نزعة سلفية، ولد سنة 1968 في صيدا بلبنان، ودرس العلوم الشرعية في كلية الشريعة التابعة لدار الفتوى في بيروت، واشتهر بلقب الأسير، وهو لقب عرفت به عائلته؛ لأن أحد أجداده أسر من طرف الفرنسيين بمالطة أيام الانتداب الفرنسي على لبنان.
رغم عقيدته السنية، ينتمي الأسير إلى أم شيعية من بلدة صور. 
نشأ في "بيت فني، لم يكن فيه مكان للدين"، فوالده محمد كان عازف عود ودربكة.
جريدة النهار اللبنانية ذكرت أن الأسير شاهد بعينيه في 1975 مسئولاً بمنظمة التحرير الفلسطينية، زمن وجودها المسلح آنذاك في لبنان، وهو يوجه الإهانات إلى والدته ويضربها بالجنزير، فوقف أمام المشهد عاجزاً عن كل شيء إلا من البكاء؛ لأنه كان طفلاً عمره 7 سنوات، وربما لهذا السبب نشأ لديه كُره لأي معتمد على منظمته وحمايتها وسلاحها ليعتدي على الناس.

حياته الاجتماعية

حياته الاجتماعية
اقترن الأسير وهو في العشرينيات من عمره بزوجته الأولى، فأنجبت محمد وعبدالرحمن وعمر، ثم تزوج بثانية قبل 15 سنة، من دون أن يُرزق بولد منها للآن.
له شقيق واحد أصغر منه اسمه أمجد، وكان عازفاً أيضاً مع أبيه في الحفلات، ثم تغيّر بعد تدينه وأصبح الآن مسئولاً عن ميليشيا مسلحة أسسها أخوه الذي يمضي معظم وقته في المسجد الواقع بمنطقة عبرا، القريبة كيلومترين من صيدا. كما للأسير 3 شقيقات: نهاد ووسيلة ونغم.

حياته العملية والعلمية

حياته العملية والعلمية
في شبابه تابع الدراسة الشرعية في كلية الشريعة التابعة لدار الفتوى في بيروت، وبدأ تحضير رسالة ماجستير لكنه لم يكملها، وكثف من عمله في مجال الدعوة عام ١٩٨٩، ليتسع نطاق شهرته في أنحاء لبنان عام ٢٠١١ حين جهر بدعم الثورة السورية، ثم تطور موقفه في ٢٠١٢ حين قاد اعتصاما شل مدينة صيدا لأسابيع للمطالبة بنزع سلاح حزب الله.
عمل الأسير منذ كان فتى، في الوقت الذي كان يدرس فيه، بإصلاح الإلكترونيات، وبعد زواجه فتح محلاً خاصاً به بالمهنة نفسها، ولأن رحلة دعوية قام بها إلى باكستان احتاجت لتمويل، فقد باعه، ومعه باع سيارته ومصاغ زوجته، ثم عاد إلى لبنان بادئاً من الصفر تقريباً، فاشتغل كعامل بورش البناء، لكنه لم يصبر كثيراً على عمله الجديد، فراح يتنقل من عمل إلى آخر بلا ثبات.
اشتغل في معمل للحديد، وبعده فتح فرناً للمناقيش بالزعتر، ثم أغلقه واشترى سيارة "فان" كان ينقل بها الخضار والفاكهة من صيدا إلى بيروت، ثم تاجر بالسيارات، وبعدها بالدراجات النارية، ثم عاد وفتح فرناً من جديد مع شركاء، فتضاربت المصالح وفضّوا الشركة، إلى أن استقرت به الحال على محل للهواتف النقالة يديره حالياً أحد أبنائه، إضافة إلى متجر للمواد الغذائية والخضار يديره شريكه.
الأسير يميل للعيش في الأرياف، لكن الحياة اضطرته للتنقل، فاستقر في بيت بمنطقة عبرا جعله قسمين: واحداً لزوجته الأولى والثاني للثانية، ثم تعرض لمضايقات أجبرته على تركه للعيش منذ 7 سنوات في قرية معظم سكانها مسيحيون، واسمها شواليق، وفيها بيته منزو ومنعزل إلى درجة أن أقرب جار له بعيد عنه بما يقرب من 1500 متر تقريبا.

التحاقة بالجماعة الإسلامية

التحاقة بالجماعة
عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان تغيرت حياة الأسير رأسا على عقب، عام 1982 لأنه شكّل "نقطة تحول" في حياته وجعله يبتعد عن الجو الفني في بيته، فبعد الاجتياح وحرب شرق صيدا وسقوط العديد من القتلى، بالحياة والموت، أراد التعرف إلى الأديان، فعانى من أهله الذين رفضوا الفكرة "ليس لأنهم ضد الدين، بل لأنهم كانوا خائفين من كل شيء اسمه أحزاب".
ثم التحق بـ"الجماعة الإسلامية" بعد أشهر قليلة وأمضى 4 سنوات في صفوفها، قبل أن ينضم إلى "عمل الدعوة والتبليغ" وهي مجموعة غير حزبية تقوم بجولات للدعوة في الداخل والخارج.

نشر الدعوى

تميز الأسير عن جماعة الدعوة والتبليغ في مسائل عدة فأسس مع مجموعة من إخوانه مسجد بلال بن رباح رضي الله عنه في رمضان 30 ديسمبر 1997م في منطقة عبرا في مدينة صيدا وكان مسجدا صغيرا في مساحته ثم تمت توسعته في السنوات اللاحقة نتيجة الأعداد المتزايدة لرواده.
 حرص منذ البداية على أن يكون المسجد على نهج الكتاب والسنة، يعتمد في تمويل نشاطاته على تبرعات المصلين والمحبين، غير مرتبط بأي جهة سياسية أو حركة دينية- على حد تأكيده. 
كما كان يستضيف العلماء والمتخصصين في كافة المجالات من مختلف مناطق لبنان لإلقاء محاضرات شهرية عامة في المسجد.

نشاطاته

نشاطاته
كان الأسير بعيدا عن العمل السياسي كما عبر عن ذلك في العديد من المقابلات الصحفية، بدءاً من فلسطين إلى حرب أفغانستان والعراق، والمشروع الإيراني في المنطقة؛ حيث اتخذ سلسلة من المواقف والتحركات من أبرزها: خطبة أحداث يوليو 2008، مواقف الشيخ من التطاول على السيدة عائشة رضي الله عنها.
 ثم توالت الأحداث التي جعلت من الأسير متنفسا لفئة مكبوتة سياسيا ومفتقدة لمن يرفع صوتها ليسمع.

موقفه من الشيعة

موقفه من الشيعة
يعتبر الأسير من أكثر الأعداء لـ"الشيعة" في لبنان، حيث ذاع صيت الأسير حين انتقد أحد مشايخ الشيعة في خطاباته الأخيرة، معتبراً أن ما قاله الأخير "تطاول على أصحاب رسول الله".
 وبالفعل أثار الشيخ بلبلة وضجة في منطقة صيدا وما حولها بشأن الهدف من هذه الخطب. 
ورغم الانتقادات التي لاقاها والاتهامات التي وجهت إليه من تحريض مذهبي، إلا أنه لا يمكن تجاهل الاستقطاب الذي لاقاه في ساحة الشهداء، بالإضافة للأصوات التي أيدته أمام مسجد بلال بن رباح.

علاقته بحزب الله اللبناني

علاقته بحزب الله
أكد الأسير في أحد حواراته مع الوكالات العالمية: لا يوجد علاقة بحزب الله، بالعكس لي مواقف تدين حزب المقاومة- على حد تسميته- في بعض المسائل سيما مشروع الهيمنة على البلد للاستعلاء والاستكبار مع الناس واستعمال سياسة الإله مع الآخرين، "لا يُسئل عن ما يفعل وهم يُسئلون"، في الحقيقة أنا لا أطيق أن يتعامل هذا الحزب معنا ومع غيرنا بهذه السياسة.
وحول تلقيبه للحزب بـ "المقاومة" وليس "حزب الله"، أكد الأسير، أن هناك إشكالية شرعية عقيدية؛ لأن التسمية جاءت من القرآن، "ألا إن حزب الله هم الغالبون"، هذه آية شرعية ولها مدلول معين والحزب يعلم ذلك تماماً فأنا أرفض أن أصفه بحزب الله إنما هو يفرح بمسمى المقاومة.
الأسير معروف بعدائه الشديد لحزب الله، واتهم الجيش اللبناني بغض الطرف عن كل أنشطة الحزب المسلحة، وإن كان الأسير لا يعد ذا شعبية واسعة في صفوف السنة.

موقفه من الثورة السورية

موقفه من الثورة السورية
خرج الأسير من عباءة الداعية ليرتدي ثوب الجهادية، وكانت أحداث سوريا نقطة انطلاقة جديدة في صراع مع الجيش وحزب الله، بينما يقف الأسير وأنصاره في خندق المعارضة للإطاحة بالنظام في دمشق.

عرف عام 2011 بدعمه للثورة السورية، وعام 2012 باعتصامه في صيدا لأسابيع من أجل نزع سلاح حزب الله، ورفع هيمنة الأحزاب التابعة لإيران. 
أثيرت العديد من الشبهات حول جهد الأسير وتمويله المالي وتبعيته السياسية إلا أنه يصر دائما على عدم تبعيته لأحد.
وصف بنصير الثورة السورية، لا بالكلمة فقط، وإنما بالدعوة إلى تنظيم كتائب من اللبنانيين للقتال إلى جوار الجيش الحر ضد نظام الأسد.
أصبح مسجده مركزا له ولأنصاره في الاشتباكات التي تدور بينهم وبين قوات الجيش اللبناني.

علاقته بتنظيم القاعدة

علاقته بتنظيم القاعدة
تتباين الروايات الأمنية بشأن علاقة الأسير بتنظيم القاعدة وتنظيمات أصولية أخرى، كما تتفاوت المعلومات المستقاة من مصدر أمني، خصوصاً في ما يتعلق باجتماع عقد أخيراً بين الأسير ومندوب عن أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني.
تشير المعلومات إلى أن الجولاني أرسل ع. خ. لبناني إلى صيدا، بغية عقد اجتماع مع الأسير، في 23 أبريل الماضي، وعرض عليه التنسيق مع النصرة، مؤكداً أن الولاء سيكون لـ"القاعدة". 
لكن الأسير رفض أن يكون الولاء لـ"القاعدة"، مطالباً في الوقت ذاته بدعم عسكري سري، في الوقت نفسه حصل على 7 قنّاصات أسترالية الصنع، من شخص لبناني، مزوّدة بمناظير ليلية حديثة جدا.
ويقول المصدر: إن جماعة الأسير المسلحة تملك أجهزة اتصالات متطورة، كما أن فريقه التقني قام بتركيب كاميرات مراقبة حديثة على أسطح عدد من البنايات.

غموض حول انضمامه لجبهة النصرة

غموض حول انضمامه
تخيم حالة من الغموض حول انضمامه لـ"جبهة النصرة"، حيث أكدت مصادر أنه تم تعيين الأسير الذي انتقل للعمل الجهادي سرا أميرا لـ "جبهة النصرة في لبنان"، وإعلانه لبنان ساحة جهاد، بعد أن بايع زعيم جبهة النصرة في سوريا أبو محمد الجولاني، ويعتبر غالبية الانتحاريين الذين نفذوا عمليات ضد بيئة "حزب الله" والمصالح الإيرانية في لبنان خلال الأشهر الستة الماضية، هم من أتباع الأسير الذين خرجوا معه من لبنان.
ويخشى بعض الصيداويين من أن يتحول كل ذلك مدخلاً لجولة جديدة من العنف في المدينة، شبيهة بما حصل في عبرا منذ أشهر، لكنّها إن حصلت ستكون أقسى بكثير. 
ويعزو بعض أبناء صيدا تنامي الفكر الجهادي في لبنان عامة وفي صيدا خاصة، وما ينجم عنه من تفلّت أمني وظاهرة الانتحاريين إلى ممارسات "حزب الله" في مناطق سنّية في لبنان.

الحكم بإعدامه

الحكم بإعدامه
كانت فرضت عقوبة الإعدام على الأسير و56 شخصا آخرين بينهم الفنان فضل شاكر وآخرين لاتهامهم بقتل ضباط وعناصر في الجيش اللبناني، إثر أحداث عبرا والمواجهات التي وقعت حينها حول منزل الشيخ الأسير في صيدا بين الأسير وأنصاره من جهة وبين قوات الأمن اللبنانية من جهة أخرى.
وأحال قاضي التحقيق الملف إلى المحكمة العسكرية الدائمة، حيث يواجه بالإضافة إلى تهمة القتل، تهم التعرض لمؤسسة الدولة المتمثلة بالجيش واقتناء مواد متفجرة وأسلحة خفيفة وثقيلة استعملت ضد الجيش. بينما أمر القاضي بإطلاق سراح سبعة موقوفين ومنع المحاكمة عن عدد آخر من الـ 54 الذين تم توقيفهم.
وأصدر القرار الاتهامي مذكرة إلقاء قبض في حق الأسير الهارب ورفاقه الـ53 المُحالين بالجرم عينه، وقرر إطلاق 8 موقوفين وتخلية سبيل 6 آخرين من أصل 78 موقوفا اعتقلوا أصلا للتحقيق في الملف.

شارك